يُعتبر فيتامين (د) من الفيتامينات الأساسية التي تلعب دورًا حيويًا وحاسمًا في الحفاظ على توازن المعادن داخل جسم الإنسان، وبشكل خاص الفوسفور والكالسيوم،يعمل فيتامين (د) على تعزيز نمو الخلايا في الجسم، ويساهم في مكافحة تكوّن الخلايا السرطانية، مما يجعله عنصرًا هامًا في النظام الغذائي والصحي للأفراد،كما يُعزز هذا الفيتامين من قدرة جهاز المناعة على مواجهة الأمراض والعدوى، الأمر الذي يشير إلى الأهمية القصوى لتحصيل الكمية المناسبة منه.

من المعروف أن مصادر فيتامين (د) تتنوع، ويمكن تصنيفها إلى نوعين رئيسيين المصدر الطبيعي الذي يأتي من أشعة الشمس، والمصدر الغذائي،بمناسبة الحديث عن المصدر الطبيعي، يُعتبر التعرض لأشعة الشمس هو المحفز الأساسي لتوليد فيتامين (د) في الجسم،يحدث ذلك من خلال تحول مادة ديهيدروكوليستيرول 7 الموجودة في الجلد عند تعرضها لأشعة الشمس، إلى مركبات مؤقتة تتطور في نهاية المطاف إلى فيتامين (د)،أما عن المصادر الغذائية، فيوجد فيتامين (د) في بعض الأطعمة سواء من المصادر الحيوانية مثل الكبد وصفار البيض وزيت السمك، أو من النباتات مثل الفطر المدعم.

تجدر الإشارة إلى أن نقص فيتامين (د) لا يقتصر على مرحلة عمرية معينة، بل يمكن أن يعاني منه الكبار والشباب على حد سواء، ويظهر عبر مجموعة من الأعراض الواضحة،من بين هذه الأعراض، ضعف الإدراك لدى كبار السن, حيث يؤدي نقص فيتامين (د) إلى تدهور في تنظيم وظائف الدماغ، مما ينجم عنه ظهور أمراض مثل مرض باركنسون أو الزهايمر،بالإضافة إلى ذلك، يتسبب نقص الفيتامين في وهن العظام، وهو ما يعزوه الخبراء إلى عدم قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم بشكل كافٍ، الأمر الذي يساهم في رفع مخاطر الإصابة بهشاشة العظام.

كما أن وجود نقص في فيتامين (د) قد يرتبط بظهور أعراض الاكتئاب، حيث توصلت البحوث إلى وجود علاقة بين انخفاض مستوى هذا الفيتامين و فرص الإصابة بالاكتئاب خاصة عند المتقدمين في السن،إلى جانب الأعراض النفسية، يمكن أن يعاني الأفراد من أعراض جسدية أخرى مثل آلام المفاصل، بطء التئام الجروح، والإرهاق المستمر،وليس بعيداً عن ذلك، فقد أظهرت الدراسات وجود صلة بين نقص فيتامين (د) وبين ارتفاع ضغط الدم وكذلك الأمراض القلبية.

هناك عدد من الأفراد الذين يُعتبرون أكثر عرضة لنقص فيتامين (د) من غيرهم، مثل كبار السن، النساء المرضعات، والأشخاص الذين يعانون من السمنة أو يعيشون في مناطق ذات درجات حرارة منخفضة على مدار العام،أيضاً، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الأفراد المصابين بأمراض مثل التهاب الأمعاء أو الفشل الكلوي، حيث أن تأثير هذه الأمراض على إنتاج فيتامين (د) في الجسم يمكن أن يكون كبيراً.

علاوة على ذلك، نقص فيتامين (د) لا يقتصر على مرحلة البلوغ فقط، بل يمتد ليشمل البالغين بشكل عام،عند البالغين، يؤدي النقص الحاد في هذا الفيتامين إلى العديد من المشاكل الصحية، مثل لين العظام، وهو حالة تدل على فقدان تدريجي للمعادن والكالسيوم في العظام، مما قد يؤدي إلى هشاشة العظام،هناك أيضًا العديد من الأعراض الأخرى التي قد تبرز مثل تساقط الشعر، تكرار الإصابة بالإنفلونزا ونزلات البرد، فضلاً عن وجود مشاعر القلق المزمن والاكتئاب، ووزن زائد قد يكون ناتجًا عن انخفاض مستوى الطاقة في الجسم.

بالنسبة للنساء، قد تزداد معدلات نقص فيتامين (د) خاصًة بعد انقطاع الطمث نتيجة انخفاض مستوى هرمون الأستروجين، مما يؤثر سلبًا على قدرة الجسم على إنتاج الكالسيوم والكثير من المعادن الضرورية للعظام،لذا، يعتبر من المهم أن تتابع النساء مستويات فيتامين (د) بشكل دوري للحفاظ على صحتهم العامة.

لتشخيص نقص فيتامين (د)، يتم إجراء فحص دم لتحديد نسبة الفيتامين في الجسم،أما بالنسبة للعلاج، فإن الخيارات تتفاوت بين التعرض المستمر لأشعة الشمس، و تناول الأطعمة الغنية بهذا الفيتامين مثل الأسماك، البيض، والحليب، فضلاً عن تناول مكملات فيتامين (د) إذا تطلب الأمر،في الحالات الأكثر خطورة، يُفضل تناول الحقن الوريدية لإعادة تلك المستويات الطبيعية من الفيتامين إلى الجسم.

من خلال ما سبق، نجد أن نقص فيتامين (د) يمثل مسألة لا يمكن تجاهلها نظرًا لعواقبها الصحية الوخيمة،يعد من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية من نقص هذا الفيتامين الهام، وذلك للحفاظ على صحة الجسم وتعزيز جهاز المناعة لمكافحة الأمراض المختلفة،لذلك، يجب على كل فرد أن يهتم بمستويات فيتامين (د) في جسمه ويعمل على تحسين أسلوب حياته لتحقيق توازن غذائي صحي.